نموذج من رسائل شيخ الطريقة الشيخية سيدي عبد الحاكم

نموذج من رسائل شيوخ الطريقة الشيخية : رسالة الشيخ سيدي عبد الحاكم يطلب الدعاء من شيخه ووالده سيدي الحاج الطيب بن بوعمامة رحمهم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده وصلی الله على سيدنا محمد مفرج الكروب والهموم وعلى آله

والدي الحنون، رأيتك بالأمس حيث كنت عندنا هنا فإقشعر جلدي و إرتعش جسمي وتفتت أكبادي .فضاق حالي وغشيني هم وغم وتكدر صفوي وجالت بي كربات.
فيا والدي ما أضيق العيش لولا فسحت الأمل، وما أشد النكبات لولا تجرع الصبر.يا رب قضيت حكمك الأزلي وإرادتك بأن يكون العباد معمولين لا عاملين تسلط على كل واحد منهم بإنفراد أوهام الخير والشر ولا شر أعظم من الفقر.
يرب أنت العادل في أحكامك المقسط في قضائك قدرت في سابق أزلك ما يلحق مخلوقاتك من خير أو ضير وجرت به مقاديرك نحمدك ونشكرك على ما أصابنا من كلا الضدين
فتأملت فيك يا والدي ويا كبدي ويا قلبي فصرت أنت لي بالقلب والكبد بل كلهم لا يحلون محلك عندي أبدا بل أنت أعز لي من روحي.
وبعد تأملي وجدتك على حال غير حالتك الأولى يبس بك اللحم واشتعل الرأس شيبا فأطرقت رأسي وأخذت أخوض في بحور الهم وأخبرتني نفسي بأن ما وقع لوالدي ذلك كله من التفكير في هذه الديون وأربابها.

اطلب منك يا والدي أن تلقي هذا التخميم..(أي التفكير) وتفرغ قلبك من هذا الهم.
فيا والدي إنا نتألم بآلامك ونحس بإحساسك فكيف أرى والدي في هذه الحالة ولا تنجرح كبدتي وينهمر الدمع من عيني فتا الله الذي لا أجل سواه لا أراني وقد إنحرف قلبي وأنا في غمارت الهم وجنود الكرب تتوارد علي في كل دقيقة متى أذكر ذلك أو رأيته حيث أنت روحي الكريمة وتسلية نفسي اللئيمة بل أنت أعز من نفسي لأن نفسي لا تحب لي الخير ولا تدلني عليه، وأنت تحب لي الخير .فيا والدي لا فرح ولا مسرة إلا بمسرتك فاأت كل النعيم والمسرة.

فكل ما أراك مهموما أتوجع وأتلهف وتذوب أحشائي وقد وقفت هنا وتفرغت جعبة صبري وسقط القلم من يدي لكن تذكرت وإستبشرت وزال عن قلبي ما تلبد من الهم حيث وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب فقد حزت قصب السبق في فعل الخير ففعلته بمقتضى قول الله تعالى: ( سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسوله). وقوله تعالى : ( ذلك فضل الله يوتيه من يشاء)
وقال تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم اجرا).
فيا والدي أنت كل هذا عملته وأحرزت عليه فويح إبنك الذي لم يعمل بمقتضى هذه الآية الكريمة فطوبى لك يا والدي ويا ليتني لم تلدني أمي ويا ليت شعري بما ألقى ربي إلى متى يا نفسي الخبيثة أنت في طغيانك متقلبات وفي شهواتك مسترسلات ومن حب الدنيا زأئدات وعن الآخرة غافلات وعن وقوفك بين يدي الخالق لاهيات وبمحبتك لديني غير مكترثات والى الموت ناسيات.

يا والدي إبنك تهور في ما لا يرضي خالقه قال تعالى: ( الذين آمنوا وإتبعتهم ذرياتهم بإيمان ).
فأنا ما إتبعتك بإحسان وأنت إتبعت والديك بإيمان. قال تعالى: (فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله واولئک هم اولو الالباب ).
فبشراك فأنت من هذا وفعلت الأعمال لا تنقطع بعد الموت و تنتهي بفوات الفوت
فحفرت الآبار في بلاد الفلاة وشيدت المساجد وكل شيء فيه رضاء الله إغتنمت الفرص وحزت فيه قصب السبق وكثير من ذلك يعجز القلم عن كتابته، فيا والدي قال تعالى: (ادعوني أستجيب لكم )..وقال جل شأنه: ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ).وقال عز من قائل: (وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب.. ..)

ودعوة الوالدين من المستجابات والأحرى من كان مثلي والده صالحا ورضاء الله في رضاء الوالدين وقارنهما الله مع عبادته حيث قال تعالى:( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..)
أطلب منك سيدي أن تذكرني عند بسط كف التضرع إلى ربك فالكل منك ولا أقول شيء فقد إنكشف عنك الحجاب فكيف والدي وأنت من الذين سبقت لهم منا الحسنى تسمح لك نفسك ان يكون بزلة قدمي إبنك مع الذين مأواهم جهنم وبئس المهاد
استغفر الله من ذنبي فالجليل جميل قال تعالى: (إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء.)
غير إنه سيدي، الله يستجيب للوالدين فيا والدي لم يبقى رزق نفعل به ما سمحت لنا أنفسنا الأمارة بالسوءإلا من رحم ربك ولو أدنى مطية لا خير ولكن لا تخشى يا والدي ما زرعه الوالدين تحصده الذرية وما زرعت لنا إلا الخير والحمد لله .

ما رأى الولي بعينه يغفر الله له أحرى صلبه ومن سمع منه الدعاء فهكذا يعمل العاملون وليس لأني ولد أفتخر بك لأن التفاخر ليس بمذهبكم ولكن بنعمة ربك فحدث، وإني أذكر نفسي لعلها تصغى وتنظر إلى ما كان عليه أسلافها وإن الله جعل للانسان واعظا من نفسه فتا الله وبا الله يا ولدي لو أني اجد من يهانيني ( يساعدني) أي يكيفني. في أمر الزاوية ويقوم بأمورها لكانت لي خيرا ، فاللهف وحب الدنيا غلب علينا وإستولت علينا أنفسنا، إن الإنسان يذكر ويصلي و نفسه هائمة في خشاش الدنيا وهو لا يشعر بما يقول.
يا ولدي رأيتك وحيدا في هذا العصر لا فقيرا صادقا ولا مقدما ورعا ولا أحد ينظر في حالك وحال زاويتك بعين الرأفة والحنان وكلهم منشغلين بمصالحهم وأغراضهم ولا عبرة لهم في متاع الزاوية أم الجميع، فقضاني ( فهمني) حالك في هذا إنني على قدر إستطاعتي أخدم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا فيا سيدي لله نفحات فأنت تعرضت لها فاجعلني نصب عينيك فأنت من الذين : ( إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون. ) وانت من الذين قال تعالى في حقهم: ( الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية. فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )..وقال تعالى: (وان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتوتوها الفقراء فهو خير لكم ). وإبنك من الذين ختم الله على قلوبهم وممن جاء في حقهم ، (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ).

اللهم ألهمني لما خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به
فيا والدي أسال الله لنا أن ينور قلوبنا ويلينها ويسخيها و يهديها و يوفقها إلى أحسن الطريق والحمد لله على ما أصابنا وله الشكر ..(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
عبد الحاكم بن الطيب لطف الله به.

تحقيق مقدم الطريقة بفرنسا : حاكمي مصطفى

نموذج من رسائل شيخ الطريقة الشيخية سيدي عبد الحاكم

موقع الطريقة الشيخية الشاذلية ( طريقة أسلاف بيضاء نقية )

Mise en ligne le 15/11/2004. Tariqa-Cheikhiyya© 2004